وأخيرا اكتمل العقد ، المحرك يضج فجأة
ليعلن عن وجوده هنا ، بينما الربان
بدأ يشمر عن زنود سمر ، طويل القامة ،
عضلاته بين بين ، لكن
ابتسامته الدائمة جعلت منه رجلا مختلفا ، –
استعدوا فنحن
على وشك الانهيار … عفوا عفوا هل
قلت الانهيار !!! لا إننا على وشك الاقلاع …
ابتسم من خطأه اللامقصود ، أمسك المقود
بين كلتا يديه ثم غادرت السفينة
المرسى ، تصفيق حاد داخل البيت الكبير ،
مزاح هنا ، وضحك هناك ، وفي
زاوية مهملة عناق وقبلات مثيرة ،
استقبلت المياه المالحة لتوها السفينة
الخضراء القادمة من
الشرق ، ساعات العصر تمضي مسرعة ،
لم يعد للبر من تواجد ،
اللون السماوي يعتنق شغف العيون …
– متى نصل أيها الربان ؟
– الرحلة ماتزال تقاوم البداية سيدتي ،
لكن تأكدي بأننا سنصل ، ساعات فقط …
– إذن لا تأخير على الموعد …
– الجو يوحي بالخير ، سنصل في الموعد
إن شاء الله ، لا تخشي التأخير …
– لكني أخشى البحر ، فكم سمعت ورأيت
من أناس ابتلعهم ، ولم يصلوا …
صمت الربان الشاب هنيهة ، تنفس بهدوء ،
في تلك اللحظة كانت
عيناه تتعلقان بالسماء ، بينما الريح تداعب
شعره الأسود …
– إنه البحر سيدتي ، إنه البحر …
ومالبث أن توارى عن ناظريها ، فلم يعد
بمقدوره النظر إلى وجهها الشاحب الجميل .
ساعات الفجر تفجر قنبلة موقوتة ، السكون
الذي أحبه معظم الركاب
امتطى صهوة الرحيل ، الأمواج تتغلغل في
قلب السفينة الخضراء
، الربان كان يكتب شيئا ما …
عندما أتى الصباح شاهد بعض البحارة ،
خشبة وبقايا ثياب ، وطفلة لم تبلغ
عامها الخامس